أول دورة شهرية

أول مرة بريود.. كيف نتحدث مع بناتنا عن الدورة الشهرية؟ 

الحديث بوعي وصراحة عن الدورة الشهرية مع بناتنا في بداية بلوغهن يساعدهن على عيش حياة صحية خالية من الخجل والخرافات. والعديد من الأمهات يسألن عن الذي يمكنهن فعله، لتجاوز الخجل الذي تربين عليه، ومن ثم تربية بناتهن ليكن أكثر وعياً.
 لذلك، نقدم لهن في هذا المقال بعض النصائح.

تحكي لي منى أن أول شيء سمعته من والدتها حين بدأ الحيض لديها هو: “انتي كبرتي دلوقتي والمفروض ما تلعبيش مع الولاد”.

وتقول أنه لم يكن هذا ما يدور في ذهنها وقتها، وإنما أسئلة أخرى شغلتها مثل ما مصدر الدم؟ وهل أنا مريضة؟ وما الذي يمكن أن أفعله الآن؟

في حين تتذكر شيماء أن أول نزول للحيض كان في المدرسة قائلة “ما حستش بحاجة غير بدم أحمر على جسمي، افتكرت اني اتعورت وقعدت أعيط، وكنت خايفة أوي لحد ما ماما جت”.

وتقول حنان: “استغربت، كنت فاكرة دم البريود لونه أزرق زي اللون اللي موجود في إعلانات التلفزيون”.

كنت أتحدث مع منى وشيماء وحنان عن قصصهن مع الدورة الشهرية، ورأيت كيف كان من الممكن أن تكون تجاربهن وتجارب غيرهن إيجابية إذا حصلن على المعلومات الكافية من أمهاتهن والمجتمع حولهن. ورغم ما مررن به إلا أنهن حرصن على عدم تكرار هذه التجارب السلبية مع بناتهن.

يُعد نزول الحيض لأول مرة من العلامات الطبيعية والفسيولوجية للبلوغ عند الفتيات. ولكن في مجتمعاتنا الشرقية يكون التركيز على أنه علامة الأنوثة والنضج أو استعداد الفتاة للزواج والإنجاب، وهو مفهوم اجتماعي خاطئ.

تؤدي المفاهيم الخاطئة ونقص المعلومات الصحية حول الدورة الشهرية إلى معاناة المراهقات من الخوف والقلق والجهل حول كيفية التعامل مع نزول دم الحيض لأول مرة خاصةً وعلى مدار حيواتهن في العموم. يحدث ذلك نتيجةً لانعدام التربية الجنسية في المدارس، وضعف الرسائل الصحية إن وُجدَت، وخجل الأمهات من فتح أي حوار حول الدورة الشهرية.

الخجل والشعور بالخزي أو العار من الدورة الشهرية قد يؤثر على الفتاة سلبياً من نواحٍ كثيرة، لذلك من المهم الحصول على المعلومات من مصادر موثوقة، ومساعدة الفتاة المراهقة على المرور بمرحلة البلوغ بشكل آمن وصحي وبدون أن تراودها أي مشاعر أو أفكار سلبية.

كيف يمكن أن أساعد ابنتي مع بدء أول دورة شهرية؟

أولاً: من الضروري أن يوجد حوار مفتوح بينك وبين ابنتك منذ بداية سن المراهقة (الذي يمتد من عمر العاشرة وحتى التاسعة عشر).

التواصل مع الابنة

يمكن أن تبدأي بأن تحدثيها عن مراحل النمو التي تمر بها، والتغيرات الجسدية والنفسية والعقلية التي تحدث مع بداية البلوغ.

ولا تعتقدي أن سن 10 سنوات سن صغيرة للبدء في التحدث معها، قد تبدأي بالحديث عن أن ثدييها سيزيدان في الحجم،  وسيزيد الشعر في جسدها وتحديداً في منطقتي الإبط والعانة، وأن قامتها ستطول، وأنه من المُتوقع أن نزول دم الحيض لأول مرة سيتبع هذه التغيرات.

ثانياً: الحيض هو إحدى علامات البلوغ وليس العلامة الوحيدة. الكثير من الأمهات يركزن على أن دم الحيض هو العلامة الأكيدة للبلوغ، وإذا تأخر فهذا يعني وجود مشكلة في النمو، هذا ليس صحيحاً.ما دامت بعض العلامات قد ظهرت فهذا يعني أن ابنتك تبلغ بشكل طبيعي.

تقع الكثير من الأمهات في خطأ مقارنة توقيت نزول الحيض لدى ابنتها بنفسها، أو بشقيقتها أو صديقاتها. هذه المقارنة تؤذي أكثر مما تفيد. لا يوجد أي دليل علمي أو طبي على أن للعامل الوراثي دخلاً في تحديد توقيت نزول الحيض لأول مرة، ولن يكون مماثلاً بالضرورة لتوقيت الأم أو الأخت.

المشكلة أن هذا القلق قد ينتقل إلى الفتاة، وتشعر بالتالي أنها تعاني من شيء.

ولكن متى نعتبر أن الحيض تأخر فعلاً؟

ما سبق لا يمنع من أن نسبة قليلة من الفتيات يتأخر بلوغهن فعلاً، وتأخر البلوغ يحدث إذا:

  •   ظهرت على الفتاة علامات البلوغ الأخرى، مثل زيادة الطول ونمو الشعر وكبر حجم الثدي، ووصلت الفتاة إلى عمر السادسة عشر، ومع ذلك لم يحدث حيض.
  •  أو في حال بلغت الفتاة عمر الرابعة عشر ولم تظهر عليها أي من علامات البلوغ السابق ذكرها.

وفي هاتين الحالتين من الضروري زيارة واستشارة طبيب/ة النساء والتوليد .

ثالثاً: نتيجة لاختلاف توقيت نزول دم الحيض بين المراهقات، من الضروري أن تشرحي لابنتك بشكل مبسط أن الدورة الشهرية تبدأ بإفراز المبيض لبويضة واحدة كل شهر بالتناوب بين المبيضين، ثم زيادة بطانة الرحم بالأوعية الدموية استعداداً لحمل الجنين، وأنه في حالة عدم وجود حمل تنزل بطانة الرحم في صورة دم الحيض.

لا تترددي في أن توضحي لها معلومات تبدو لك بديهية، مثل أن دم الحيض يمتد نزوله من يومين إلى سبعة أيام، وأن لونه سيكون أحمر.

للإطلاع على المزيد: مواصفات دم الحيض.. متى يكون طبيعياً ومتى نشعر بالقلق؟

دم الحيض

أكدِّي لها أيضاً أن هذه تغيرات طبيعية، وستحدث معها بعد ذلك بشكل شهري.

من الضروري أن تشرحي كل ذلك ببساطة وهدوء، واحرصي ألا تقولي ذلك بخجل حتى تستقبل الفتاة المعلومات بصورة إيجابية.

رابعاً: استعدي للأسئلة التي ستطرحها عليكِ، هذا يعني ضرورة أن تكوني بحثتِ بالفعل في الموضوع بشكل كافي، ولا تكتفي بمعلوماتك أو خبراتك الشخصية.

يمكن الاستعانة بمصادر علمية موثوق بها على الإنترنت حتى توصّلي لها المعلومات الصحية والسليمة.

شجعيها أن تتأكد منك إذا سمعت أي معلومة في المدرسة من معلميها أو صديقاتها عن الدورة الشهرية. حيث يلعب الأصدقاء دوراً كبيراً في تشكيل المعلومات لدى المراهقين، والكثير منها يكون خاطئاً.

خلال بحثك عن المعلومات، إذا وجدت كتب أو مواقع أو فيديوهات مناسبة لعمرها، لا تترددي في أن تقدميها لها.

خامساً: اصطحبيها معك أثناء شراء الفوط الصحية من السوبر ماركت أو الصيدلية. تأكدي من سلوكك أثناء الشراء، ولا تكوني خجولة وقتها، لأن هذا الشعور سينتقل إلى ابنتك وستشعر أن الحيض مسألة غير طبيعية، أو أن شراء الفوط الصحية يسبب ويدعو للحرج.

سادساً: انصحي ابنتك بخصوص كيفية التصرف لو نزل دم الحيض لأول مرة وهي في المدرسة أو النادي أو البيت.

شجعيها أن تتواصل مع شخص موثوق به في هذه الأماكن، سواء المعلمة أو المدربة، أو معك في البيت.  

طمئنيها أن نزول الحيض قد يحدث في أي وقت، ويمكن أن تشاركيها قصة أول نزول للحيض لديك، ولكن احرصي على حكي القصة بشكل إيجابي، وتجنبي نقل القلق أو الخوف.

علميها استخدام الفوط الصحية، وكيفية تغييرها، واحرصي على تشجيعها على تجربة ذلك بنفسها، للتأكد من أنها فهمتك، وأيضاً لتكتسب ثقة أنها تستطيع التعامل مع الأمر بشكل عادي.

اشرحي لها أن فائدة الفوط الصحية هي امتصاص الدم، ومن ثم التخلص منها بشكل صحي، وبالتالي عدم وصول البقع إلى ملابسها.

سابعاً: شجعيها أن تحتفظ في حقيبتها دائماً بملابس داخلية إضافية وفوط صحية، ويمكن أن تقترحي عليها أن تشارك الفوط مع صديقاتها عندما ينزل الحيض لديهن وهن غير مستعدات.

اشرحي لها كيفية التصرف في حالة تبقعت ملابسها بالدم، فيمكنها مثلاً أن تحدثك في التليفون، أو تغطي ملابسها بجاكت، أو تبلغ معلمتها بالمدرسة لكي تساعدها.

الفوط الصحية

وضحي لها جميع المواقف التي يمكن أن تتعرض لها، وكيفية التصرف فيها، هذا سيساعدها ويجعلها تتجاوز الخوف أو القلق في حال حدوث أي موقف طارئ.

ينبغي أن نشرح أيضاً أنه قد يحدث بعض الألم، أو لا يحدث على الإطلاق، لأن كل فتاة مختلفة عن الأخرى. لذا يجب توضيح ذلك دون المبالغة في وصف الألم، مع الإشارة إلى إمكانية تناول المسكنات في حالة وجود الألم ولكن بقدر، لأن كثرة استخدام المسكنات لها أضرارها المعروفة على المدى البعيد. كما أنه من الضروري تحديد ما إذا كان الألم المصاحب للحيض يؤثر على جودة الحياة والقدرة على أداء الوظائف اليومية أم لا، لأنه إذا كان مؤثر وغير مُحتمل فمن الضروري حينئذٍ استشارة طبيب/ة متخصص/ة.

ثامناً: من المهم أن تشرحي لها كيفية التعامل مع الحيض بشكل صحي وسليم، والحفاظ على نظافتها الشخصية في أثنائه، مع التأكيد على ضرورة تغيير الفوط الصحية كل 4 ساعات، وألا تزيد فترة استخدامها عن 6 ساعات.

تاسعاً: أكدي عليها أن تكون مستعدة لنزول دم الحيض، مع توضيح أن الدورة الشهرية لن تكون منتظمة في البداية، وأنها من المُتوقع ألا تنتظم إلا بعد سنتين.

اشرحي لها أيضاً كيفية حساب مدة الدورة وموعد الإباضة، بتسجيل موعد أول يوم حيض في دفتر خاص بها، أو على التليفون، وتحديد عدد الأيام من أول نزول دم الحيض وحتى أول يوم لنزول الحيض التالي، وعدد الأيام بين بداية كل حيض منهما هو مدة دورتها الشهرية، وعادةً ما تكون بين 21 إلى 35 يوم.

عاشراً: لا تبالغي في إظهار الفرح حين تعرفين بنزول الحيض لدى ابنتك.

بعض الأمهات يبالغن في الفرح لأنهن يربطن الحيض باكتمال الأنوثة، ومن ثم الاستعداد للزواج والإنجاب.

تذكري أن الفتاة لا ينبغي أن تتزوج قبل الثامنة عشر، ويُفضل ألا تحمل قبل العشرين، وذلك من أجل صحتها وصحة الطفل.

تجنبي قول عبارات مثل:

“انتي كبرتي دلوقتي”.

“انتي بقيتي عروسة”.

“انتي المفروض تعملي كذا، وتبطلي تعملي كذا”.

هذه الرسائل قد تربكها وتضغط عليها أكثر، وقد تجعل مسألة الحيض مخيفة ومعقدة بالنسبة لها.

تذكري أن ابنتك تمر بالعديد من التغيرات، وأنها ما زالت تحاول استيعابها، فلا تُحمّليها أفكاراً قد تزيد الأمر سوءاً أو تعقيداً وتأتي بنتائج عكسية.

أخيراً، حصول المراهقات على معلومات مناسبة وكافية عن الحيض والدورة الشهرية وكيفية التعامل معها بشكل سليم يساعدهن على المرور بتجربة بلوغ ومراهقة إيجابية، ويساهم هذا في أن يعشن حياة صحية وطيبة طوال حيواتهن.


*جميع الأسماء مستعارة للحفاظ على خصوصية المصادر

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً

آخر التعليقات (5)

  1. انا عندى ١٥ سنة و لسة مجتليش البريود اعمل ايه ومحرجة اتكلم مع ماما واخواتي البنات وخايفه جامد يكون عندي حاجة غلط

    1. أهلاً بك/
      أتفهم شعورك بالحرج تماماً، ولكن يجب أن تعلمي أن هذا الأمر لا يدعة إطلاقاً للخجل. فقد يغفل بعض الأهل عن التواصل معك بهذا الشأن لإعتقادهم بأنك حصلتي على المعلومات من أصدقائك أو من حولك وهذا أمر غير صحيح.
      قد تحتاجين لزيارة الطبيب/ة المختص/ة لإجراء بعض الفحوصات لذلك منم الأفضل التحدث مع والدتك حول تأخر الدورة الشهرية حتى يمكننها إرشادك للتصرف الصحيح.

الحب ثقافة

مشروع الحب ثقافة يهدف لنقاش مواضيع عن الصحة الجنسية والإنجابية والعلاقات