الشريك المبتز

خروج آمن.. نصائح للتعامل مع ابتزاز الشريك السابق

كثيراً ما تكون خبرة المرأة أقل من الرجل، فتندفع في علاقة من منطلق الحب والثقة قبل أن تعرف أنها ارتكبت خطأ، وعند رغبتها في إنهاء العلاقة تواجه شبح الابتزاز.

عادة ما تُلقى مسؤولية العلاقة العاطفية على النساء بشكل عام، وبشكل أكثر خصوصية، تُلقى مسؤولية ما يتعلق بالجنس عليها دون الرجل، فالفتاة التي يتم التحرش بها كمثال، هي المسؤولة عن ذلك بملبسها مثلاً أو بطريقة سيرها في الشارع أو لأنها خرجت من بيتها واستخدمت المواصلات العامة.

ينسحب ذلك على أكثر الممارسات حميميّة في علاقة رضائية، وبالطبع ينسحب هذا على الإنجاب سواء اتفقا عليه أو حدث بلا اتفاق مُسبق، وقضايا إثبات النسب مثال على ذلك.

في معظم دول العالم تعتبر هذهِ الثقافة موغلة في القدم، فمثلاً جاءت نتائج دراسات مختصة بأن هناك علاقة مترابطة بين نظرة النساء لأدوار الرجال الاجتماعية وبين أدائهن الجنسي وسلوكهن فيما يخص الصحة الإنجابية.

فالنساء اللاتي يرتحن لدور الرجل التقليدي، يتحملن مسؤولية تنظيم الإنجاب منعه بالعلاقة، أما النساء اللاتي يرين أن لهن حقوق في الحياة والمتعة الجنسية مثل الرجل، يفضلن استخدام وسائل التنظيم والحماية التي تقع فيها مسؤولية الاستخدام على الرجال مثل الواقي الذكري.

وبالمثل فيما يتعلق بالصحة الجنسية، ففي دراسة حديثة للمعهد القومي الأمريكي للصحة NIH أجريت على 594 شخصاً بالغاً، جاءت النتائج بأن 70% من النساء يلجأن للفحص الطبي بصفة دورية كل عام للوقاية من الأمراض الجنسية، في حين يقابلهن فقط 37% من الرجال.

في أعماق مجتمعاتنا العربية، ونظراً لبنيتها الثقافية والاجتماعية والدينية، تنتشر هذهِ الأفكار أكثر، وتتحمل النساء مسؤولية التحرّش أو العنف الجنسي.

وفي الحقيقة تنسحب هذهِ الأفكار على العلاقات الرضائية، حيث انتشرت آليات ردع للفتيات، مثل اللوم والوصم والتشهير والإهانة، والتحريض ضد الفتاة، واستخدام خوفها من الفضيحة، للتهديد بخروج علاقتها واختيارها الرضائي إلى الأسرة والمجتمع.

خبرة قليلة

في أمثلة كثيرة، يكون الرجل قد عرك الحياة مُبكراً عن المرأة، متمرّساً عنها، فتندفع هي ناحية علاقة باسم الحُب والثقة، دون أن تعرف الشخص جيداً، سواء كانت هذهِ علاقة زواج أو علاقة عابرة، وفور أن تُدرك خطأها وتحاول الخروج منها، يبدأ الرجل في ابتزازها ومحاولة النيل من سمعتها وتهديدها.

لذلك من المهم أن تضعي العديد من العوامل في الاعتبار وأنت على مشارف علاقة جديدة.

على مشارف علاقة جديدة
shutterstock

تقول عزة سليمان، المحامية الحقوقية ومؤسسة مركز قضايا المرأة المصرية: “طوال خبرتي التي بلغت ثلاثين عاماً في قضايا المرأة، عدد البلاغات والشكاوى في الثلاث سنوات الأخيرة يوازي ما خبرته طوال سنوات عملي”.

وتضيف: “غالباً ما يكون الابتزاز إلكترونياً، قد يكون شات (محادثة) مكتوبة أو تسجيلاً صوتياً يدل على علاقة رضائية حدثت بينهما، وبسبب الضغط المجتمعي وعدم وجود أسرة متفهمة ومساندة، تهتز الفتيات ويفقدن ثقتهن بأنفسهن تحت وطأة التهديد، وتسعى لإرضاء المبتز أولاً ودفع مبالغ مالية مثلاً، بدلاً من مواجهته”.

وعن أسباب ذلك، تقول: “الضغط الأسري صعب جداً ويجعل المرأة تقع في دائرة الخوف مع المبتز، ولا تشكو منه إلا بعد أن تكون أنفقت كل ما تملك على إسكاته، فتبحث عن المساعدة أو المعونة متأخراً”.

الضغط الاجتماعي

المجتمع الأكبر أيضاً يشكل ضغطًا على الفتيات في علاقاتهن، يُنظر إليهن على أنهن السبب فيما حدث لهن، رغم أن الأمر لا يتعدّى مجرد اختيار خاطئ أو تجربة سيئة، كما أن القانون المصري  -بشكل عام- لديه قصور في معالجة هذا الأمر، فمرفق العدالة في مصر ليس مؤهلاً للتعامل بشكل حقوقي وجندري مع قضايا مثل العلاقات الرضائية بين الرجل والمرأة، بل وفي داخل علاقة الزواج نفسها.

القانون في أغلب الأحوال ذو بنية ذكورية يصطف مع الرجل، وأحياناً ما يتدخل الموروث الاجتماعي والثقافي لمنفذي القانون كعامل في القضايا.

تحكي عزة سليمان من واقع خبرتها: “أحياناً يصل الأمر لجلسات تأهيل مع البنت وأهلها، لأن المشكلة يجب أن تتحول إلى محضر في الشرطة، وأنا أشجع هذا جداً خصوصاً في حالات الابتزاز، فمباحث الاتصالات المصرية تتعامل بشكل متفهِّم وراق”.

وبخلاف وضع القانون المصري بشكل عام، تقوم مباحث الإنترنت بعمل كفء حتى الآن. تضيف عزة سليمان: “لم يرد لي حتى الآن من كل المحاضر التي تمت أي شكوى من معاملة المسؤولين هناك، بالعكس فهم داعمون دائماً لموقف البنت المهدَّدة، وهذا التصرف القانوني رسالة قويّة للرجال المبتّزين، ففي 98% من الحالات يتوقف الشخص عن الابتزاز”.

بشكل عام، ليس معنى هذا العبء التاريخي والمجتمعي أن نلقي كل الأعباء أو “العواقب” على الرجل وحده، الطرف الآخر في العلاقة، وإنما يجب أن يتحمل كل منا مسؤولية الدخول في علاقة والنتائج المترتبة على هذا القرار.

 يجب أن نكون على وعي ودراية بموقفنا القانوني والثقافي والمجتمعي.

كوني واعية بحقوقك

التوعية مهمة جداً لإدراك أبعاد العلاقة التي سأخوضها مع رجل وموقعي من هذا المجتمع، فالنساء يدفعن ثمن العلاقة أكبر وأفدح حين يكن غير مدركات لأبعادها، أو لا يعرفن الشخص جيداً، فقد يتم تصويرهن دون علمهن، أو سرقة محتوى هواتفهن، وابتزازهن بهذهِ المعلومات أو الصور.

كوني واعية بحقوقك
shutterstock

كل هذا دفع بعض منظمات المجتمع المدني مثل سميكس، لنشر بعض إجراءات الأمان الرقمي التي يجب اتباعها في المحادثات الحميمية، ومن بين هذه الإجراءات:

  • عدم تصوير صور عارية يظهر فيها الوجه.
  • عدم استخدام حسابات التواصل الاجتماعي العادية في محادثات حميمية.
  • استخدام برامج تحمي الخصوصية أو تقوم بمسح الرسائل فوراً ولا تمنح الفرصة للاحتفاظ بها للطرف الآخر.

وغيرها من الإجراءات التي يمكن أن تجدها في هذا المنشور.

تقول المحامية الحقوقية عزة سليمان في نهاية حوارنا: “نصيحتي لأي فتاة تقع في مشكلة، كوني قوية، لا تخافي وحاربي، لكن أولاً اسألي النصيحة من مختصين قانونيين، لا تخافي من لوم الناس واختاري من تثقين في الشكوى له، تحرري من الخوف وجلد الذات الذي قد يمنعك من التصرّف وصد الأذى”.

ومن الخطوات العملية التي يمكن اتخاذها في هذا الشأن:

  • يمكنك اللجوء إلى مركز قضايا المرأة المصرية أو محام مختص عندما تتعرضين لهذا النوع من الابتزاز.
  • لا تستجيبي لطلبات المبتز بإرسال نقود أو أشياء عينية لشراء صمته.
  •  سجلي واحفظي ما يُثبت ابتزازه، وقدميه في بلاغ إلى مباحث الاتصالات كما ذكرنا.
  • في حالة استمراره أو محاولته الانتقام، فالمحامون في مركز قضايا المرأة المصرية مستعدون أيضاً لتحويل الأمر إلى قضية يصل الحكم على المتهم فيها إلى السجن ستة أشهر، وفقاً لقانون العقوبات المصري.
هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً

الحب ثقافة

مشروع الحب ثقافة يهدف لنقاش مواضيع عن الصحة الجنسية والإنجابية والعلاقات