نتجنب الخلافات ولا نتعلم منها؟

كل علاقة فيها فترة شهر العسل أو ال Honeymoon اللي بتختلف مدتها من علاقة للتانية. الفترة دي بتكون فترة اكتشاف  الطرف التاني، وفي الأغلب، بنشوف الجوانب الكويسة في شخصيتهم والمتناسبة مع شخصيتنا. 

وطبيعي إن الفترة دي ماتستمرش. بعد شوية بنبدأ نتعرف على بعض أكتر، وبنبدأ نكتشف جوانب تانية فيهم أو تصرفات أو أفعال إحنا مش متفقين معاها أو مش عاجبانا، وساعتها بتبدأ بينا الخلافات ويمكن نبدأ نتخانق.

الخلافات جوا العلاقات مش حاجة كويسة أو وحشة ولكنها حاجة طبيعية. كل إنسان فينا عنده شخصيته، ومع القرب من الناس اللي حوالينا في أجزاء من شخصيتنا بتتوافق معاهم وأجزاء تانية تختلف. 

لما يحصل ده، طبيعي إن يحصل بيننا خلافات، ولكن المهم في الموضوع هو ازاي نتعامل مع الخلافات دي؟ 

“دول عمرهم ما بيتخانقوا، أكيد علاقتهم كويسة أوي” هل ده حقيقي؟

لو قصدنا بالخناق هنا هو حاجات زي الإهانة، أو الصوت العالي، ممكن تكون دي حاجة كويسة، بس أوقات كتير الجملة دي بيكون معناها “تجنب الخلافات”.

وتجنب الخلافات معناه إن حتى لو فيه حاجة مضايقاني أو مزعجة بالنسبة لي في العلاقة فأنا برضه مش هتكلم عنها، سواء بإني هاشرح لنفسي إن الطرف التاني أكيد كان عنده أسباب لأفعاله، أو هاروح أتكلم مع حد تاني عشان أخرج مشاعري من غير ما أتكلم مع الشخص نفسه، أو هطلع مشاعري أو غضبي في حد تاني زي الأولاد أو زمايلي في الشغل، أو حتى هطلعها تجاه الطرف اللي متضايقة منه ولكن بشكل غير مباشر، زي إني مردش على الكلام الموجه ليا، أو آخد جنب، أو أقفش على حاجة تانية غير الحاجة اللي مضايقاني. 

الخلافات جوا العلاقات هي فرصة إننا نتعلم أكتر عن نفسنا أولًا، ونفهم الطرف الآخر بشكل أحسن ثانيًا. 

ولما بنتكلم مع بعض عن الخلافات دي بنقدر نوصل لاتفاقات جديدة ممكن تخلينا نتجنب إننا نتضايق من بعض في المستقبل لنفس السبب، وممكن كمان تكون فرصة لينا إحنا الإتنين إننا نبقى أشخاص أفضل. 

تجنب الخلافات دي ممكن يؤدي لحاجات كتير منها: إن أحد الطرفين يكون عنده مشاعر متراكمة من الغضب أو الحزن والمشاعر دي ممكن تخرج في لحظة غير متوقعة أو كرد فعل غير متناسب مع الموقف. 

الطرف اللي تجنب مواجهة المشكلة، ممكن يحس إن الطرف التاني مدين له عشان هو عدّى الموضوع من غير كلام، في حين إن الطرف التاني ممكن يكون مش عارف إن دي مشكلة. ده غير إن الفعل اللي ضايق أحد الطرفين ممكن يتكرر وميتحلش عشان إحنا متكلمناش فيه.

ولكن تجنب الخلافات مش اختيار بيحصل بدون أسباب، من الأسباب اللي ممكن تخلينا نتجنب الخلافات هي:

  •  صعوبة المواجهة، أو الكلام عن مشاعرنا
  • توقع إن رد الفعل تجاه المواجهة دي ممكن يكون فيه تقليل من المشكلة أو هجوم
  • ممكن يكون كمان مفيش وقت كفاية إننا نتكلم ونتعامل مع الموضوع وخصوصًا مع العلاقات البعيدة (long distance relationships) أو اللي الشركاء فيها مش بيتقابلوا بشكل كافي، وأسباب تانية.

طيب عشان نقدر نتعامل مع الخلافات بتاعتنا، ممكن نعمل ايه؟

  • أول حاجة هي إن يكون بيننا تواصل مستمر عن نفسنا وعن بعض، عن الحاجات اللي بنحبها والتصرفات اللي ممكن تضايقنا، حتى قبل التصرفات دي ما تحصل.
  • نتكلم عن الحاجات الكويسة اللي بنشوفها في بعض، مش بس وقت المشكلة ولكن وجود مساحة للتواصل بين الشركاء بتخلي كل طرف حاسس بالتقدير، وبيخلي فيه مساحة إن لو فيه مشاكل نقدر نتكلم فيها بدون ما نحس إن العلاقة كلها مهددة أو إن الطرف التاني ممكن يكون مش راضي عن أي حاجة بنعملها. 
  • نتكلم عن الحاجات اللي مضايقانا في وقتها أو بعد ما تحصل بفترة قليلة، ده بيسمح بمساحة لكل حد يوضح لو كان الفعل أو الكلام اتفهم بشكل غير مقصود، وبيسمح إننا نوصل لاتفاقات جديدة بحيث الخلاف ده ميتكررش.

إزاي ممكن نتكلم عن مواقف ضايقتنا؟ 

فيه طرق كتير نقدر بيها نتواصل حوالين خلافاتنا، من الطرق البسيطة اللي ممكن نستخدمها هي:

  • إيه اللي حصل؟ إيه الفعل أو الموقف اللي ضايقني؟ بنحاول نوصف الموقف كأن فيه حد بيتفرج عليه من برة من غير انطباعاتنا أو افتراضاتنا عن نوايا الطرف التاني.
  • الموقف ده حسسني بإيه أو أثر عليا ازاي؟ بنتكلم عن نفسنا وعن مشاعرنا إحنا وإحنا استقبلنا الموقف بأي شكل.
  • إيه الشكل المختلف اللي كنت أفضَّل الموقف ده يحصل بيه؟ بنحاول نقول اقتراحات واضحة لأفعال ممكن بسهولة نعرف هي حصلت ولا لأ. يعني مانقولش مثلاً “إحنا محتاجين نتواصل مع بعض أحسن”، يُفضل تكون حاجة محددة أكتر زي “ممكن لما يكون فيه مشكلة بيننا نتكلم عنها في وقتها، أو أنا بحتاج شوية مساحة لما أكون متضايق/ة فممكن خلال الوقت ده ماقدرش أجاوب على أسئلة عن الخلاف اللي حصل”.
  • التفاوض: أوقات كتير بنحتاج نتفاوض حوالين الاتفاقات اللي بنطلع بيها بعد أي خلاف، ممكن نفكر في إن التفاوض ده هدفه إن الطرفين يطلعوا مرتاحين وقادرين ينفذوا الاتفاق. التفاوض مش معناه إن فيه طرف كسبان وطرف خسران، ولكن معناه إننا بنحاول نوصل لاتفاق مناسب لينا إحنا الإتنين، يعني من الأفضل الاتفاق يبقى مناسب للطرفين بنسبة متوسطة من إنه يكون مناسب لطرف بنسبة كبيرة ومش مناسب للطرف التاني بنفس القدر. 

الاتفاقات اللي بنوصلها وهي مش مناسبة لينا، ممكن تخلي فيه رواسب غضب موجودة تجاه الخلاف اللي حصل وتخلي الطرف اللي حاسس إنه طلع “خسران” ميلتزمش بالاتفاق ده. 

بنعمل إيه لو بنختلف كتير مع بعض وحاسين إننا بنتخانق طول الوقت؟

  • أوقات كتير الخلافات المتكررة بتكون بتشاور على حاجة مختلفة في العلاقة، أكبر من المشكلة نفسها اللي اختلفنا عليها. زي إننا مش بنقضي وقت كفاية مع بعض بنمارس فيه أنشطة بتبسطنا أو تقربنا من بعض، أو إن فيه مشكلة أكبر بيننا متحلتش لسه، أو إن عندنا توقعات من بعض غير متوافقة مع الواقع. وقتها بيكون مهم نقف ونفكر إذا كان فيه مشكلة تانية هي اللي بتسبب المشاكل الصغيرة المتكررة ونتكلم فيها بشكل مباشر. 
  • لو الخلافات بتتكرر على مشكلة حصلت قبل كدة وتخيلنا إننا حليناها بالفعل، ممكن نتكلم بنفس الطريقة اللي فاتت عن إزاي تكرار المشكلة ده بيأثر علينا، ونشوف لو محتاجين نوصل لاتفاق مختلف يساعد الطرفين إنهم يلتزموا بيه. 
  • لو المشاكل متكررة وحاسين إنها مأثرة على جودة العلاقة ومش عارفين نخرج منها، الاستعانة بمساعدة متخصص زي معالج نفسي ممكن تساعد العلاقة إنها تخرج من الصعوبة دي وتقدر تكمل بشكل أفضل.

وفي حين إن طريقة التواصل اللي اقترحناها ممكن تساعد على التعامل مع الخلافات، إلا إن في النهاية مش دايمًا بيكون عندنا القدرة أو المساحة إننا نصيغ أفكارنا ومشاعرنا بالشكل ده، فممكن برضه يحصل إننا نكون غضبانين وبنزعق، أو بنتكلم بطريقة هجومية للطرف الآخر. دي حاجة طبيعية في الأوقات اللي بتكون مشاعرنا مأثرة علينا بشكل كبير. 

مهم في الأوقات اللي بيحصل فيها كدة، إن بعد ما اللحظة دي تعدي ناخد وقتنا ونهدا ونراجع نفسنا في تصرفاتنا ونرجع نعتذر للطرف التاني عن الطريقة اللي اتعاملنا بيها. 

وقت الاعتذار مهم أعتذر عن أفعالي أو تصرفاتي، مش عن تأثير ده على الطرف الآخر كان عامل إزاي. يعني بنقول ” أنا آسفة إني عليت صوتي”، “أنا آسف إني مكنتش بسمع كويس”، بدل ما نقول “أنا آسف/ة إنك اتضايقت/ي”.

مفيد كمان إن الاعتذار يكون فيه اقتراح أو توقع لطريقة مختلفة هنتعامل بيها لو الموقف ده اتكرر زي إننا نقول “المرة الجاية لو اتعصبت، ممكن آخد وقت لوحدي أهدا قبل ما نتكلم” و نتأكد إن الطريقة دي مناسبة للطرفين. 

وبالنسبة لأشخاص كتير، الأهم من الاعتذار اللفظي هو إزاي بعد ما بنعتذر هيحصل تغيير حقيقي والموقف اللي حصل بسببه الخلاف مش هيتكرر أو هيكون رد فعلنا عليه مختلف. 

الخلافات جوا العلاقات هي حاجة طبيعية ومستمرة، ولو قدرنا نشوفها كفرصة إننا نفهم نفسنا والناس اللي حوالينا بشكل أحسن، ونخلي علاقتنا ببعض أعمق، ده هيخلينا نتعامل معاها بتقدير أكتر ويخلينا نقدر نتعلم من المواقف دي ونتخطاها بشكل أحسن. 

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً

الحب ثقافة

مشروع الحب ثقافة يهدف لنقاش مواضيع عن الصحة الجنسية والإنجابية والعلاقات