تأثير الإنجاب على الحياة الجنسية
Shutterstock

تأثير الإنجاب على الحياة الجنسية

يتمتع المتزوجون حديثاً بحياة جنسية مميزة، ورغبة عالية تجاه بعضهما، ولكن الإنجاب المبكر قد يكون بداية طريق التوتر في العلاقة.

“مش عارفين ننام”، “مش عارفين نتلم على بعض”، “إنتي ما بقيتيش تحبيني”، “إنتي ما بقيتيش عايزة تمارسي الجنس معايا زي الأول”.

تستمع إلى هذه التعبيرات في مرحلة ما بعد الإنجاب، والتي يمر فيها الزوجان بتحولات كثيرة على مستوى الحياة الجنسية، قد تكون مفاجئة وتؤدي إلى تغيرات في حياة الكثيرين.

نحن نعيش في مجتمع يُدفع دفعاً نحو ضرورة الإنجاب، ويجد المتزوجون حديثاً كل من حولهم ينتظرون منهم الطفل القادم.

يحيط كل متزوج/ة الأهل والأصدقاء وزملاء العمل الذين لا تفوتهم فرصة لطرح تساؤلات من نوع “مفيش حاجة في السكة؟” “مش هتفرحونا بقى؟” وغيرها من الأسئلة الضاغطة. والكثير من الأزواج لا يستطيعون مقاومة هذا الضغط.

في الكثير من الزيجات في مصر يحدث الحمل في الأشهر الأولى، ويزف العروسان النبأ السعيد للأهل والأحباب بقرب وصول الحفيد المنتظر.

يُعد قرار الإنجاب من القرارات الهامة في حياة الفرد، والإنجاب بالفعل قد يكون شيئاً ممتعاً وجميلاً للكثيرين، ولكن مثله مثل كل شىء في الحياة، يمكن أن يكون له آثاره السلبية على العلاقة الزوجية.

فبعد نشوة وصول المولود الجديد للعائلة وبعد التهاني والمباركات واللحظات السعيدة، يجد الزوجان نفسيهما يتحملان العديد من المسؤوليات الجديدة ويواجهان تغيرات في شكل العلاقة. وإذا لم يستعدا لها جيداً قد يكون الإنجاب أول طريق المشكلات وتوتر العلاقة.

غالباً ما يتمتع المتزوجون حديثاً بحياة جنسية مميزة، تكون رغبتهم مرتفعة، وتتعدد ممارستهما الجنسية، وتصل في بعض الأحيان إلى عدة مرات في اليوم الواحد.

يكون الزوج أو الزوجة محور حياة الطرف الآخر واهتمامه، وهذا طبيعي في بداية العلاقة الجنسية.

ولكن ماذ يحدث بسبب الحمل في هذه المرحلة؟

الحمل في حد ذاته لا يمنع من الجنس، ولكن هناك تغيرات جسدية وهرمونية ونفسية تؤثر على الرغبة الجنسية للشريكين.

إذا بدأنا بالمرأة يمكن أن نلحظ المشكلات الآتية:

  • قد يؤدي الغثيان والقيء وآلام الثديين في الأسابيع الأولى من الحمل إلى إضعاف رغبة المرأة في الجنس.
  • يعتقد الكثيرون أن ممارسة الجنس قد تكون سبباً في فقد الجنين، ورغم أنه معتقد غير صحيح إلا أنه شائع، وينعكس بدوره على الرغبة الجنسية للشريكين.
  • في الأسابيع التالية للحمل يتغير شكل جسم المرأة، وتتأثر الكثير من النساء بذلك نتيجة اعتقادهن أنهن لم يعدن جذابات، ويزيد ذلك بفعل التغيرات التي تحدث في مراحل الحمل المتقدمة.

 

ولكن على نقيض الرغبة الجنسية، فإن للحمل آثاراً إيجابية على الاستثارة الجنسية، إذ أن نشاط الدورة الدموية للمرأة الحامل يساعد على سهولة الاستثارة والوصول للنشوة.

تأثير الحمل على الرغبة الجنسية
shutterstock

وماذا عن الرجل؟ هناك أيضاً تغيرات جسدية ونفسية وهرمونية تحدث للرجل في فترة حمل الزوجة:

  • فنسبة من الرجال، تتراوح بين 11 إلى 22%، يحدث لهم ما يسمى بمتلازمة كوفاد couvade syndrome، أو الحمل العاطفي، وهي مجموعة من التغيرات الجسدية والنفسية التي تحدث للرجل في فترة حمل الزوجة وتشابه أعراض الحمل مثل الشعور بالغثيان والقيء  واكتساب وزن زائد.
  • كذلك يقل مستوى هرمون التيستوستيرون لدى الرجل في في فترة حمل الزوجة وتقل معه الرغبة الجنسية.

 

ماذا بعد الإنجاب؟

الإنجاب نقطة التحول الكبرى في الرغبة الجنسية لدى المرأة، فبعد الإنجاب مباشرة تقل الرغبة الجنسية وتكون شبه معدومة ويتركز اهتمام المرأة بشئ واحد فقط هو المولود/ة الجديد، والذي يحظى بكل الاهتمام والمشاعر. ويخرج الزوج من محور الاهتمام لفترة ليست بالقصيرة.

تتراوح فترة النفاس فيما بين 4 إلى 6 أسابيع، وهي فترة يتخلص فيها جسم من آثار الحمل ولا مكان فيها لممارسة الجنس.

كما أن فيسيولوجية الرضاعة والتغيرات الهرمونية التي تحدث في هذه الفترة تدفع المرأة بشكل كبير بعيدأً عن الاهتمام بالعلاقة الجنسية:

  • أثناء الرضاعة الطبيعية يفرز جسم المرأة هرمون الأكسيتوسين والذي يحفز الغدد اللبنية على إخراج الحليب، كما يساعد هذا الهرمون على انقباض الرحم ليعود لحجمه الطبيعي بعد الولادة، وهذا الهرمون هو الذي يسبب انقباض الرحم أثناء الولادة كما يتم إفرازه عند وصول المرأة للنشوة الجنسية.

 

وقد أشارت دراسة أجريت في هولندا على 153 سيدة مرضعة أن 34% منهن شعرن باستثارة جنسية أثناء إرضاع أطفالهن، وأشارت نسبة 71% من النساء المشاركات في الدراسة  أن انقباضات الرحم التي تحدث بسبب هرمون الأكسيتوسين تكون ممتعة. كما أشارت 8% من السيدات أنهن وصلن للنشوة من خلال الرضاعة الطبيعية.

ولذلك يعتقد الباحثون أن كثير من النساء المرضعات يجدن الإشباع العاطفي والملامسة الحميمة من خلال الرضاعة الطبيعية وتقل لديهن بالتبعية الرغبة بالنشاط الجنسي.

  • كذلك في فترة الرضاعة يقل إفراز هرمون الإستروجين، الذي يسبب جفاف المهبل، مما يجعل الممارسة مؤلمة.
  • في الفترة نفسها يزيد إفراز هرمون البرولاكتين، والذي يساهم بتصنيع الحليب داخل الغدد اللبنية في الثدي ولكنه يقلل الرغبة الجنسية لدى المرأة.

وكأن فترة الرضاعة بتغيراتها الفسيولوجية والهرمونية تدفع المرأة بعيداً عن الرجل، وتجعلها، لا إرادياً، تصب كل تركيزها مع المولود.

وماذا إذا حاول الزوجان أن يختلسا بعض الوقت ليستعيدا ما كان في أيام شهر العسل، في الغالب سيكون بكاء المولود/ة الصخرة التي ستهدم كل محاولات الرجل في الحصول على جنس ممتع، وسيبدأ الرجل في الشعور بالضيق والحنين للماضي القريب ولعل هذا يفسر كثرة حدوث المشكلات الزوجية والانفصال في تلك المرحلة.

أظهرت دراسة أجريت بالولايات المتحدة الأمريكية عام 2002 ارتفاع نسبة عنف الشريك الحميم  في الثلاثة أشهر الأولى التي تعقب الإنجاب. كما أشارت دراسة أخرى أجريت بالمملكة المتحدة عام 2004 إلى ارتفاع نسبة الانفصال والطلاق في الأشهر الأولى بعد الإنجاب. 

وأوصت الدراسة الأخيرة بضرورة اللجوء إلى المشورة الزوجية في تلك الفترة حتى يتمكن الشريكان من تجاوز مشكلاتها.

اللجوء إلى المشورة
shutterstock

كل ما ذكرناه يقتصر على الحياة الجنسية أثناء الحمل وبعد الإنجاب، غير أنه توجد العديد من الترتيبات الاقتصادية والاجتماعية التي ينبغي حسابها والاستعداد لها.

يعتمد الطفل الرضيع بشكل كلي على الأبوين، ويحتاج هذا إعداداً جيداً. على سبيل المثال سيصير السفر لقضاء عطلة قصيرة أمراً أصعب، لأنه يستلزم العديد من الترتيب والإعداد لاصطحاب المولود.

كما يحتاج الزوجان إلى استعدادات كبيرة لممارسة أنشطة كانت سهلة في السابق، كالسفر أو السباحة. حتى الأنشطة العادية مثل زيارات الأهل أو الخروج مع الأصدقاء أو الذهاب للتسوق سوف تحتاج إلى ترتيب إضافي.

كثيراً ما تستمع في دوائرك الاجتماعية عن الزوجين اللذين ندما على التسرع في الإنجاب، والشكوى من تبعاته، يتمنيان لو أجلا القرار قليلاً، ولكن للأسف قرار الإنجاب لا رجعة فيه.

لذلك ننصح كل المقبلين على الزواج أو المتزوجين حديثاً بالتخطيط جيداً قبل اتخاذ القرار، مهما كانت الضغوط الأسرية أو المجتمعية من حولهم.

لا ينبغي أن يكون الإنجاب قراراً نرضخ فيه للضغوط. الزوجان وحدهما من يستطيعان دراسة المسألة من كافة جوانبها، وتحديد المرحلة المناسبة التي يستطيعان فيها تحمل المسؤولية والتغيرات التي ستطرأ على العلاقة في وجود طفل/ة في حياتهما.

 

اقرأ المزيد: ست قواعد لمواجهة تدخل الحموات الفاتنات في قرار الإنجاب

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً

الحب ثقافة

مشروع الحب ثقافة يهدف لنقاش مواضيع عن الصحة الجنسية والإنجابية والعلاقات