صورة الجسد
Shutterstock

صورة الجسد.. ما يزعجك في مظهرك قد يكون متوهماً

تحاصرنا وسائل الإعلام المختلفة بصور نموذجية عن أجساد الرجال والنساء، إذا لم نكن نمتلك الثقة والوعي الكافيين يمكن تؤثر هذه الصور علينا سلباً.

هل تذكرين هذه الخالة التي تحملين هم زيارتها إلى بيتك لأنها تمارس عادتها في السخرية من مظهرك، إذ تلقي تعليقات مثل:

“شعرك وحش، مش حلو زي مامتك”.

“انتي طالعة تخينة كده لمين”.

وهل تذكر هذا العم الذي علق دوماً على لون بشرتك وحجم أنفك، ويستنكر وزنك أو طولك.

هذه التعليقات جزء من سياق مجتمعي، يتم الحكم فيه على الناس بشكل أجسادهم ومدى جاذبيتهن. من الناحية التاريخية والثقافية كان الضغط أكبر على النساء في هذا الشأن، ولكن مؤخراً امتد هذا الضغط ليشمل الرجال أيضاً.

السوشيال الميديا، البرامج التلفزيونية، المجلات، الإعلانات، كلها تخبرنا بما يجب أن يكون عليه جسدنا، وتحصرنا في شكل معين لما هو مرغوب.

هي مثلاً تصدِّر لنا فكرة أنه لا بد أن تكون المرأة نحيفة skinny، إذ يعتبر هذا مثال الجمال، ولا بد أن تكون عضلات الرجل بارزة، كدليل على الذكورة. وهذا يترك انطباعاً داخلياً لا شعورياً أن خلاف ذلك غير مرغوب وليس جذاباً.

إلى أي مدى يفكر الناس في شكل وصورة أجسادهم، وما مدى قبولهم لشكل أجسادهم، وما تأثير ذلك على العلاقات العاطفية بشكل عام والحياة الجنسية بشكل خاص؟

 

نقص الثقة

 

قد تنظر إلى صورة جرى التقاطها لك وتتأملها، من الطبيعي أن تلحظ التغيرات الطبيعية التي حلت بوجهك أو جسدك، ولكن عليك أن تعرف أنك في بداية مشكلة لو ردد صوتك الداخلي مثل هذه الأفكار:

  • لقد ظهرت تجاعيد في وجهي، لقد كبرت في السن، لم أعد جميلة، لست سعيدة بمنظري.
  • الكرش، لن أسعى للارتباط حتى أتخلص منه، لا يمكن لفتاة أن تعجب بي.
  • توجد دهون واضحة، لا أستحق أن يعجب بي أحد، لا يمكن أن أمارس الجنس ويرى شريكي كل هذه الدهون.

هناك الكثير من الأشخاص الذين يستحوذ على تفكيرهم/ن شكل أجزاء من جسدهم/ن. ومن المحزن أن تقاس درجة الرضا عن النفس والشعور بالاستحقاق والثقة بالنفس بناءً على المظهر الخارجي للجسد.

 

للاطلاع على المزيد: سبع نصائح لزيادة الثقة بالنفس

 

خلال عملي بالعيادة النفسية تأتي العديد من الحالات المشغولة بصورتها عن نفسها.

أذكر فتاة أخبرتني أنها تقضي وقتاً طويلاً من اليوم وهي تنظر إلى المرآة، تنظر إليها عشرات المرات يومياً، وتضايقها تفاصيل صغيرة في جسدها، وهي تفاصيل لا تعتبر ملحوظة بالنسبة لأي شخص آخر غيرها.

صورة الجسد
shutterstock

امرأة أخرى كانت ترفض ممارسة الجنس مع شريكها والنور مضاء، تصر على إطفاء النور كي لا يرى جسدها، هي تعتقد أن ثدييها وردفيها صغيران وأن هذا الأمر سيضايق شريكها، رغم أن الشريك لم يشكُ من هذا الأمر.

 

للاطلاع على المزيد: “من فضلك أطفئ الأنوار كى لا تراني”.. دروس عن الثقة بالنفس

 

وأتذكر شخصاً كان يفكر كثيراً في وزنه لدرجة أنه قد يرفض الذهاب لشراء ملابس جديدة أو السفر إلى الشاطئ، مما يؤثر على استمتاعه بحياته.

وتأتينا الكثير من الاستشارات يكون محتواها أن الشخص يرى قضيبه صغيراً برغم أنه في متوسط الحجم الطبيعي ويكون قلقاً جداً أن حجم قضيبه غير كافٍ للممارسة الجنسية، وفي بعض الأحيان يرفض هذا الشخص الارتباط والدخول في علاقة عاطفية بناءً على تصوره أو رؤيته لجزء من أجزاء جسده.

هذا التفكير المبالغ فيه تجاه صورة الجسد يجعل الرغبة في ممارسة الجنس أقل ويحول دون الاستمتاع بالممارسة الجنسية والوصول للنشوة، هذا بخلاف تأثيره على حياتك الاجتماعية والاستمتاع بحياتك بشكل عام.

 

معتقدات خاطئة

 

هناك عاملان أساسيان يؤثران في رؤية الفرد لجسده أو صورة جسده:

1. الصورة الذهنية لديَّ عن جسدي

نُكوِّن صورة ذهنية عن أجسادنا عن طريق حاسة البصر أولاً، أي النظر إلى الجسد.

ثم نفسر ما نراه بناءً على خبراتنا السابقة وتعليقات من حولنا وآراءهم على شكل جسدنا وخاصة الدوائر القريبة من الأهل والأصدقاء، مثلاً تعليقات الأم السلبية على شعر ابنتها ولون بشرتها ووزنها، وتعليقات الأصدقاء على نحافة صديقهم أو صلعه.

بالإضافة إلى المعايير التي نشاهدها على الشاشات. وبالتالي نتوصل إلى استنتاجات قد تكون خاطئة.

 

2. اعتقاداتي واستنتاجاتي عن كيف يراني الشريك/ة

 

في كثير من الأحيان تعتقد الفتاة أن شريكها لا يراها جذابة، في حين أنه يخبرها أنه معجب بها وبجسدها ويراها جذابة جداً.

 إذا كانت رؤيتي لجسدي سلبية وأركز على عيوب صغيرة سواء موجودة أو متخيلة، فسوف أُصدِّر هذه الرؤية لغيري وسوف تظهر في تصرفاتي وحديثي وانفعالاتي. وكأنني أخبر شريكي/تي بأن يرى/ترى ذلك وأن يخبرني أني غير جميل/ة.

 

اضطراب التشوه الجسمي

منذ حوالي قرن من الزمان، وصف العالم النفسي الشهير إيميل كريبيلين “Emil kraepelin”، هذا الانشغال والتفكير الزائد في صورة جزء من أجزاء الجسد وأطلق عليه اسم dysmorphoohobia.

توهم البدانة
shutterstock

وكتب العالم النمساوي سيجموند فرويد عن رجل لديه قلق شديد تجاه شكل أنفه.

وفي الدليل التشخيصي والإحصائي الخامس للاضطرابات النفسية يوجد تشخيص يسمى اضطراب التشوه الجسمي “body dysmorphic disorder”.

هذا التشخيص لم يُدرس جيداً في الطب النفسي لأن المرضى في الأغلب يلجأون إلى أطباء الجلدية وجراحات التجميل على الفور قبل اللجوء للعيادات النفسية.

ويعتمد تشخيص الاضطراب على الأعراض التالية:

  • التفكير المفرط والانشغال الزائد بوجود عيب أو عيوب في شكل الجسم أو معالمه.
  • هذه العيوب تبدو بسيطة لا يلاحظها الآخرون، وقد تكون متخيلة وغير موجودة على الإطلاق.
  • الاعتقاد أن الآخرين يلاحظون هذا العيب ويعلقون عليه.
  • هذا القلق الزائد يؤدي إلى سلوكيات قهرية مثل كثرة النظر في المرآة لساعات يومياً، التنظيف المتكرر القهري، المقارنة بالآخرين، الإفراط في استخدام مستحضرات التجميل، محاولة إخفاء العيب، تجنب أخذ الصور الفوتوغرافية.
  • في بعض الأحيان يؤدي إلى إجراء جراحات تجميلية دون داعٍ.
  • لا بد أن تؤدي هذه الأعراض إلى قلق وضيق شديدين، وتدهور في الحياة الاجتماعية مثل تجنب المواقف الاجتماعية وتجنب العلاقات، وتدهور في الحياة الوظيفية أيضاً حتى يتم التشخيص.
  • في كثيرٍ من الحالات يصاحب تشخيص اضطراب التشوه الجسمي اضطراب الاكتئاب، واضطرابات الأكل.

 

ما الذي يمكنني أن أفعله تجاه التفكير المفرط في صورة الجسد؟

 

  • البُعد عن الصورة النمطية والمثالية للجسد في الميديا، علينا أن نعرف إن نجوم الميديا دائماً ما يظهرون أجمل مما هم عليه بسبب التدخلات الفنية في الوسائط المختلفة.
  • النظر إلى الجسد بشكل أوسع وأشمل ورؤية الأجزاء الجميلة.
  • تذكر أن معايير الجمال تختلف مجتمعياً من وقت لآخر، وتختلف من شخص لآخر.
  • تذكر أنه لا يوجد جسد مثالي، وأن كل جسد له جاذبيته.
  • تجنب المقارنات، واستمتع/ي بجمال جسدك الخاص.
  • لا يمكن تغيير الجينات التي تؤثر بشكل كبير على شكل الجسد، ولكن يمكن تغيير المعتقدات الخاطئة تجاه رؤيتك لجسدك.
  • لا تجعل/ي استقبالك لشكل جسدك محوراً لشعورك بالاستحقاق والثقة بالنفس.
  • حاول/ي التقاط صوت الناقد الداخلي، والوعي به، هذا الوعي في حد ذاته سيضع هذا النقد الذاتي داخل حدوده، مما سيساعدك على التركيز على الممارسة الجنسية.
  • تصديق الشريك عندما يخبرك بأنه يراك جميلة وجذابة.
عائلة سعيدة
shutterstock

وأخيراً علينا أن نقدم نصيحة صغيرة للأهل: بدلاً من التعليق بالسلب على وزن ابنك أو ابنتك، يمكنك أن تعرض/ي عليه وتقدم/ي له أنواعاً مختلفة من الطعام الصحي، أو تشجعه/تشجعيه على ممارسة الرياضة بطرق مختلفة.

وبدلاً من التعليق على شعره أو شعرها، يمكن أن تقترح/ي عليه/ا تسريحة أو قَصة قد تكون ملائمة بالنسبة له/ا.

أي لا تُظهر/ي الأمر على أنه مسألة جمال وقبح، بل اشرح/ي كيفية أن تجعل/ي مظهره/ا أفضل.

ويفضل تجنب تقييم أجساد من حولنا على أنه جيد أو غير جيد، وتعليم الطفل على أن كل جسد له جاذبيته وجماله ويستحيل أن نمتلك جميعنا نفس شكل الجسد.

وإذا تعرض ابنك أو ابنتك للتنمر بخصوص شكل جزء من أجزاء جسمه، استمع/ي إليه وتفهم/ي مشاعره وكن/كوني داعمة له.

قد تعتقد/ين أنك إذا لم تظهر/ي المشاكل الموجودة في جسد ابنك أو ابنتك أمامه سيتعرض لتلك التعليقات في الخارج، ولكن المهم أن تكون/ي مصدر دعم لابنك أو ابنتك.

 

يكتسب الطفل ثقة في نفسه من تعليقات والديه وتربيتهما، وقد تتعزز هذه الثقة عندما يواجه الحياة خارج الأسرة أو تهتز، ولكن في حالة كان يتلقى الدعم الأسري المناسب، لن يتأثر كثيراً من أمثال هذه التعليقات الخارجية.

أما إذا أدى الانشغال بشكل الجسد إلى تدهور الحياة الاجتماعية والوظيفية. فمن الضروري الاستعانة بالطبيب/ة النفسي/ة للمساعدة، وتوجد الكثير من العلاجات الدوائية والنفسية الفعالة في هذا الشأن.

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً

آخر التعليقات (10)

  1. مقال جدا جميل وراءع ???????❤…
    مقال جدا جميل وراءع ???????❤❤???

  2. كل من يراني يتنمر على شكلي…
    كل من يراني يتنمر على شكلي وكنت اكتءب واصرخ داخلي كثيرا لكن الان لا اهتم اصبحت عندي ثقه بنفسي و ( قناعه ) تامه بجسمي وانا الان سعيده .

    1. مرحباً  ذات القبعة الوردية، …

      مرحباً  ذات القبعة الوردية، 

      نُحيكِ على قرارك وعلى شجاعتك، ونتمنى لكِ حياة سعيدة. 

  3. انا شاب عمري 17 على قدر عال…
    انا شاب عمري 17 على قدر عال جدا من الجاذبيه والوسامة والطول
    ولكن يوجد عيب واحد ألا وهو انفي واشعر بأنه كبير
    هل من الضروري ان اقوم بعمليه تجميل
    كل من حولي يقولون لي لولا هذا الأنف لتكون ملك جمال العالم !
    وهذا الكلام يزعجني وبنفس الوقت لا أريد ان اقوم بعمليه تجميل انف للمضاعفات وللكسل واحب ان اكون طبيعيا لكن يبقى الأنف يزعجني كل ما أشاهد المرأه

  4. مرحباً محمد، 

     

    أتفهم…

    مرحباً محمد، 

     

    أتفهم تماماً مشكلتك. ولكن هناك بعض النقاط التي يمكنها مساعدتك في اتخاذ قرارك. 

    1- لقد ذكرت بالفعل أنك مرتاح مع جسمك ومع شكلك، وذكرت أن فكرة العملية غير محببة لك نظراً لأنك تهتم أن تكون طبيعي. 
    2- لا يوجد ما يعرف بالجسم المثالي. هذه مفاهيم مغلوطة كونها المجتمع وروج لها، مما جعل الأشخاص يشعروا بضيق وعدم ارتياح مع أجسامهم. ربما بعد أن تنهي العملية، سيقول لك أحدهم، ربما يجب عليك الخضوع لعملية تجميل أخرى لمنطقة أخرى في جسمك. إرضاء المجتمع ومعاييره غير الواقعية هي غاية لا تدرك. 
    3- لابد من وجود حدود واضحة وحاسمة مع أي شخص يعلق على جسمك أو على شكل بطريقة تزعجك مهما كان قريب منك. لا تدع الآخرين يحددوا لك مستقبلك وشعورك تجاه جسمك. 
    4- هناك قاعدة تقول، كلما ركزت على شئ رئيته أكبر من حجمه الطبيعي. فكلما أطلت النظر على أنفك كلما شعرت أنها غير مريحة. ركز على المناطق التي تشعر إنها جميلة وتشعرك بالرضا عن نفسك. 
    5- مازلت في سن صغير، ومازال جسمك في طور النمو، ولم ينتهي سن البلوغ بعد. اعط جسمك فرصة ليتغير ويصل لشكله النهائي مع الوقت، ولا تتعجل في الدخول لدوامة عمليات التجميل فقط لإرضاء الآخرين أو أن تتوافق مع معايير مجتمعية مغلوطة في الأصل. 

    نتمنى لك حياة سعيدة.

  5. طيب لو أنا شريك حياتي شايف…
    طيب لو أنا شريك حياتي شايف نفسه وحش او عدم الثقه بالنفس انا اعمله ايه

    1. مرحباً بك،

      اتفهم ذلك وخاصة…

      مرحباً بك،

      اتفهم ذلك وخاصة مع انتشار المفاهيم المغلوطة حول صورة الجسد، ولكن كل جسد له جماله وجاذبيته، يمكنك إخباره بإعجابك به وبجسده.

      ومحاولة إخباره أنه لا يوجد جسد مثالي أو شكل مثالي، وأن هذه مفاهيم مغلوطة كونها المجتمع وأن هذا يتغير من مجتمع لآخر ومن فترة زمنية لأخرى.

      أما بالنسبة للثقة بالنفس، المقال التالي يذكر نصائح مهمة لزيادة الثقة بالنفس

      https://lmarabic.com/love-and-relationships/relationship-problems/advice-for-self-confidence

       

      تحياتي

      1. الجمال والأشكال والأحجام لها دورها وتأثيرها على حياة ألأفراد و هي حظوظ تمس بجودة حياة الفرد وفرصه في الإستمتاع والتعارف والجنس وحتى العمل ، هذا هو الواقع ولا يمكن تغييره بأفكار و أراء صبيانيه غير واقعية، لا تقنع حتى من كتبها ، و تفترض ضعف ذكاء الناس و قلة قدرتهم التحليلية.
        الشيئ الوحيد الذي يجعل الناس تستسلم و تطمئن و تتقبل نفسها بشكل نهائي وبإجابية هو شي أكبر ، شيئ يتعلق برؤيتهم للهدف من الحياة ، يتعلق بالجانب الديني والفلسفي.
        أشهر النفسانيين لا يستطيعون معالجة أشخاص عنهم مشكل مع الجسد بشكل نهائي مستدام دون الدخول في الجانب الروحي والديني للفرد.

  6. عند اغلاق الفخذين يوجد فراغ تقريبا ٦سم احس بأن الرجل لا يحبه. ولكنني رشيقة ولا توجد لدي زوائد او دهون

    1. مرحباً عزيزتي/
      تختلف تفضيلات الرجال في شكل المرأة التي ينجذبون إليها، فكل رجل له معايير خاصة.
      لا تربطي نظرتك لجسدك بمعايير الرجال بل بما ترينه أنتِ، ففي الكثير من الأوقات يفرض علينا المجتمع نظرة سلبية لأجسادنا، نابعة من الشعور بالخزي في بعض الأحيان أو بفقدان الثقة في أحيان أخرى.
      إن واجهتِ مشكلة في تعديل نظرتك لجسدك ننصحك باللجوء لمعالج متخصص في العلاج بالحركة، وبشكل عام نشجع على ممارسة الرياضة أو الرقص من وقت لآخر لتحسين المزاج العام ورفع الوعي بالذات.
      تحياتنا

الحب ثقافة

مشروع الحب ثقافة يهدف لنقاش مواضيع عن الصحة الجنسية والإنجابية والعلاقات