نموذج قفص عصافير من الورق
Flickr

حزام العفة

“ضممتُ ركبتاي بشدة وكتمتُ أنفاسي وعضضت على لساني وانتابتني رعدة ألم وأنا أشاهد شفرة الجزار ورفْعُه لساق الصغيرة ثم صرختها المختلطة بزغروطة أمها…”

أثناء تصفحي للروابط التي منحني إياها “جوجل” بعد أن كتبت في مفتاح البحث: إحصائيات الختان في مصر. وجدت هذا الفيديو. ربما لن تتصوروا  كم الرعب الذي عايشته وأنا أشاهد سَوق هذه الصغيرة نحو الذبح.

ضممتُ ركبتاي بشدة وكتمتُ أنفاسي وعضضتُ على لساني، وانتابتني رعدة ألم وأنا أشاهد شفرة الجزار ورفْعُه لساق الصغيرة ثم صرختها المختلطة بزغروطة أمها.

ربما كنتُ أفضل حالاً منها، فأنا تم بتري وتشويه أجزائي الجنسية على سرير خاص بالتوليد في عيادة طبيبة للنساء والولادة، بعد أن عانت الطبيبة لما يزيد عن ساعة في البحث عن وريد كي تضخ المُخدّر في جسدي الصغير فلا أشعر بجزرها لي. بكائي وتوسلي لأمي أن تذهب بي من هنا كاد أن يؤتي ثماره، بيدَ أن الطبيبة أرسلتها للبحث عن إبرة حقن أقل سمكاً من التي تستخدمها، ثم استفردت بي وبترتني. التجربة في حد ذاتها بشعة.

عانيتُ فترة طويلة حتى إلتأمت جراحي الجسدية، لكن جرحي النفسي عاد بقوة حين أخبرتني زميلة – وأم – في العمل – وباحثة في مركز بحثي وحاصلة على الماجستير- أنّ ختانِك أمر جيد، فأنتِ تسافرين!.

وقتها فغرت فاهي واندهشت، ما العامل المشترك بين سفري واغترابي -سواء من أجل الدراسة أو العمل- وختاني؟ وهل اقتطاع جزء من جسدي كان حزام العفة الذي ألبسني إياه أهلي قبل أن يسمحوا لي بالخروج من العش والتحليق بعيدًا؟!.

وقتها أخبرتها بعبوس ودون أي حرج أن النساء المتخلفات أمثالها هنّ من يتسببن بإلحاق الأذى بنا، وأن الله كريم لأنها لم تُرزق بإناث.


إشارة مرور المشاة صفراء استعداد للوقوف
<
مصدر الصورة: Wikipedia 

لفترة طويلة، كنت أدافع عن ختاني وأدّعي أنه أمر مستحب في الدين كما أخبرني أهلي –وكما كانوا يعتقدون لفترة من الزمن، قبل أن يتوقفوا تماما عن مجرد التفكير في ختان أية أنثى في العائلة والاعتراف بأن هذه الممارسة، جريمة -، فأنا لم أكن أعرف تشريحي التناسلي ولا ماهية الجزء الذي تم بتره مني.

 درست التشريح الجسدي للمرأة وبدأت أكتشف جسدي ووظيفة كل عضو/جزء. حينها بدأت معاناتي النفسية مع الفِكر الرجعي الذي يُقرر اقتطاع جزء من جسد طفلة درعاً لانفلات أخلاقي محتمل.

كأن الفتيات حيوانات مُسيّرة بالغريزة. إذا ما هاجمتهنّ نوبة رغبة، سيخرجن هائمات على وجوههن بحثاً عن أول عابر سبيل يفتحن أمامه سيقانهن، دون أية معايير أخلاقية أو تربوية أو سيطرة على النفس.>p <تشير الإحصائيات إلى أن 91 % من النساء (تتراوح أعمارهن من 15 إلى 49 عاما)  قد تعرضن للختان في قرى مصر، بينما تصل النسبة في المدن إلى 85% - حسب تقرير سنوي  لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” أصدرته بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة الختان- وذلك بالرغم من أن مصر قد أصدرت قانون عام 2008 جرّمت به تشويه أو بتر الأعضاء التناسلية للإناث، وخصصت لذلك عقوبة تتراوح بين ثلاثة أشهر وعامين في السجن وغرامة مالية.

غير أن القانون شيء وتفعيله على أرض الواقع شيء آخر. فهذه الممارسة العنيفة ضد المرأة متأصلة في فِكر وتقاليد المجتمعات العربية.

كما أن معظم الناس يرون أن الختان أمر عائلي وشخصي غير مسموح للحكومة ابداء الرأي فيه، ويرى البعض أن السبب الرئيسي لاستمرار مثل هذه الممارسة هو الدافع للسيطرة على الحياة الجنسية للمرأة قبل الزواج كوسيلة لضمان عذريتها وبالتالي ارتفاع فرص تزويجها.

>p <ومن هنا، لنا حديث آخر عن مفهوم العذرية لدى البعض.

المدونات المنشورة تعبّر عن رأي صاحبها، وليس بالضرورة عن رأي موقع الحب ثقافة.  

>
هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً

آخر التعليقات (2)

  1. هذة الظاهرة من وجهة نظرى قد
    هذة الظاهرة من وجهة نظرى قد تكون لها سلبيات على البنت سواء كانت بدنية او نفسية او غير ذلك

الحب ثقافة

مشروع الحب ثقافة يهدف لنقاش مواضيع عن الصحة الجنسية والإنجابية والعلاقات