ريشة طائر وسط العشب
flickr.com

“الغناء” من حق الأمهات الوحيدات أيضاً

§أرى أنه لا يجب على الأم الوحيدة أن تتعسف على نفسها بدافع “التضحية” و”العفة” وكل هذه المصطلحات التي لا يقصد منها شيء سوى سلبها أقوى غريزة فيها، وأكثرها تأصلاً وصدقاً.

لأنني أم وشاعرة وامرأة عاملة، أحاول، على الدوام، أن أثبت لنفسي أشياء كثيرة، من قبيل أنني قوية وقادرة على إعالة الطفلين بمفردي، أو أنني أم ذكية وحنون، وسأنجح في إيصالهما إلى بر الأمان، أو أنه بمقدوري أن أوفق بين جوانب عديدة في حياتي دون الإخلال بجانب منها، لا البيت، ولا العمل، ولا الطفلين، ولا الشِعر، ولا الحب، ولا الحياة، ولا الفن، ولا أي متعة أخرى.

 

جميعها مهم وضروري، وجميعها يستغرقني بقدر متفاوت. 

أماً في كل شيء
لأن المهمة صعبة، والتحديات كبيرة، فإن الحل بالنسبة لي هو أن أكون أمّاً في كل شيء. الوظيفة الأصعب، لكنها الأقرب إلى طبيعة المرأة وأحاسيسها، وربما أيضا لأنها تمارس بالفطرة، ولا تتطلب مهارات كثيرة.

 

أتعامل مع الشِعر بوصفه طفلي الثالث الذي يحتاج إلى رعايتي وعنايتي، وأتعامل مع العمل بالأمومة ذاتها، فنحن ننتج العمل كما لو كنا نلده من فكرنا. الرجل الذي أحب هو أيضا طفلي الذي ولدته من قلبي وأحاسيسي وعواطفي.

 

الحياة طفلنا الأول الذي نتعلم منه ونعلمه، والبيت طفل، والنبتة التي تنمو في الحديقة طفل يكبر في غفلة مني، وضحكة الجيران في وجهي، وأنا عائدة إلى البيت في السابعة مساء، طفل، بشوش ومنشرح لا يجب أن أغفل عن رعايته والحفاظ عليه.

أمومة فائضة
أطفالي كثيرون، وأمومتي فائضة على كل ما هو حولي. حتى على القطط التي تسرح، آخر الليل، تحت سور الحديقة بحثا عما تقتاته. قال لي طفلي منذ يومين إنه لم يقدر على النوم بسبب أصواتها المزعجة.

 

استعمل كلمة “غناء” ليصف الأصوات التي كانت تصدر عنها في آخر الليل، وبدت له مختلفة عن موائها العادي. قلت بعد أن فكرت قليلا فيما إذا كانت إجابتي مناسبة لسنوات عمره الإحدى عشر: “هذا ليس غناء، بل نداء الحياة،  إنه موسم تناكحها لتنجب”.

 

 

وبنفس منطق الحياة والقطط، أرى أنه لا يجب على الأم الوحيدة أن تتعسف على نفسها بدافع “التضحية” و”العفة” وكل هذه المصطلحات التي لا يقصد منها شيء سوى سلبها أقوى غريزة فيها، وأكثرها تأصلا وصدقا.

 

لا ضير من أن “تغني” من حين لحين، وأن ترفع صوتها بالنداء، في موسم هو موسمها على الدوام. فلا حياة من دون أمومة أو حب.

 

كتبت: لمياء المقدم

 

المدونات المنشورة تعبّر عن  رأي صاحبها وليس بالضرورة عن رأي موقع “الحب ثقافة”

ينشر هذا المقال بالتعاون مع موقع هنا صوتك

 

 

 

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً

الحب ثقافة

مشروع الحب ثقافة يهدف لنقاش مواضيع عن الصحة الجنسية والإنجابية والعلاقات