امرأة شابة تفتح الستائر
Flickr

محاولات الاستقلال عن منزل الأسرة

بدأت الفتيات في الدفاع عن حقهنّ في اختيار ما يدرسنه، الأمر الذي وفّر لهنّ فرصة الابتعاد قليلاً عن سكن الأسرة والشب عن الطوق ثم التحليق بعيداً

“بيت أبوها، بيت جوزها، قبر يلّمَها”

هذا هو الأمر المتعارف عليه في المجتمعات الشرقية والعربية. فلا يجوز للبنت أن تخرج من بيت أبيها (الوصيّ الأول) سوى لبيت زوجها (الوصيّ التالي)، لتظل فيه حتى يُسلّمها الزوج أو الأبناء للتراب. أمّا فكرة أن تنتقل الفتاة لتسكن بعيداً عن منزل الأسرة وتستقل بحياتها، فذاك درباً من دروب الخيال (أعرف فتيات أُجبرن على دراسة لا يرغبونها، لمجرد أن هذه الكلية أو هذا المعهد يقع في نطاق بلدتهّن بخلاف الآخر الذي أردنَه).

مؤخراً، ومع بداية القرن الحالي، بدأت الفتيات في الدفاع عن حقهنّ في اختيار ما يدرسنه، الأمر الذي وفّر لهنّ فرصة الابتعاد قليلاً عن سكن الأسرة والشب عن الطوق، ثم التحليق بعيداً بعد انتهاء الدراسة بحِجة فُرَص العمل والاكتفاء بالعودة مرة شهرياً أو في الأعياد والعطلات.

تحكي (غادة عاطف – 27 سنة) : “نشأت في قرية في محافظة الشرقية. مجتمع مغلق جداً، لا يقبل عمل النساء إلا لو كنّ طبيبات أو صيدلانيات أو على أبعد تقدير مهندسات. غير ذلك فأي دراسة هي مجرد شهادة تُحصّلها الفتاة أثناء انتظارها للـ “عَدَل”. لكني كافحت لأنال بعض الاستقلال أثناء دراستي في الجامعة. اشتركت في المعسكرات الصيفية وأنشأت علاقات صداقة جديدة مع زملاء إناث وذكور على السواء، الأمر الذي جعل زميلاتي في الجامعة من البلد يبتعدن عني على اعتبار أني “متحررة” “.

“انتقلت للعمل في القاهرة بعد انتهاء دراستي مباشرة.. إقناع أبي لم يكن بالأمر الهيّن، لكني في النهاية فعلتها. انتقلت للسكن في شقة مفروشة مع شريكة سكن. حارس العمارة وزوجته كانوا رَجعيين. بالنسبة لهم أنا “بنت ساكنة لوحدي”، نظراتهم لم تكن مريحة أبدا. بعد فترة انتقلت لشقة أخرى، وكانت أمي تزورني كل فترة للاطمئنان عليّ.

“كان لدى أقاربي بعض التحفظات التي نقلوها لأبي أكثر من مرة. حتى أن “عمتي” أوجدت لي شقة في عمارة قريبة من سكنها كي أكون “تحت عينها”، وارتأى أبي أن وجودي في شقة بجوار عمتي هو أكثر أماناً من السكن منعزلة تماماً عن معارفه.

“الخلافات مع أهلي كانت تنفجّر كلما تقدّم لي عريس، وتبدأ التهديدات بإرغامي على ترك العمل والرجوع للبلد، لكني صمدت وقاومت. فرجوع البلد بالنسبة لي كان أمراً مستحيلاً. في النهاية تعرفت على زميل ووقعت في حبّه وتقدّم لخطبتي، وتزوجنا منذ 3 سنوات في نفس الشقة التي كنت أسكنها مع شركاء آخرين”.

أقدام فتاة مرتدية حذاء رياضي
<في حين كانت قصة استقلال (ج.أ - 26 سنة ) بالسكن مختلفة تماما ودرامية. فهي لم تخرج من أجل الدراسة ولم تنتقل لمحافظة أخرى بعيدة عن القاهرة. تقول (ج.أ) : "تركت المنزل بعد مشاجرة رهيبة سبقها اعتداء جسدي وإهانات بالغة. خرجت من البيت بالهدوم اللي عليا و200 جنيه. علاقتي بأهلي كانت متوترة جداً منذ 5 سنوات، وتنحصر في مجرد العودة ليلا للنوم في البيت، حيث أني كنت مستقلة مادياً. بعد خروجي من البيت –والذي كان مفاجأة ومن غير ترتيب- ذهبت للبيات عند بعض الأصدقاء، حتى وجدت بعد يومين، صديق يبحث عن شريك سكن وانتقلت للعيش معه في(shared apartment). تركت عملي خوفاً من ذهاب أهلي لهناك وافتعال فضائح، كما أني خلعت الحجاب الذي سبق وأجبروني على الاحتفاظ به اتقاءً لكلام الناس، حتى لو كانوا يعلمون أني agnostic والحجاب لا يُمثّل لي أي شيء.>p <استقلالي عنهم كان خطوة لابد منها، بسبب القهر الذكوري الموجود في المنزل والصدامات الدائمة والإهانة والاعتداءات.

>p < لم أواجه أي مشاكل في السكن، الجيران –وإن كان بعضهم فضولي-  وصاحب الشقة في حالهم وأنا في حالي. الاستقلال فرق معايا بشدة، مساحة الحرية صارت أكبر والاعتماد على نفسي في اتخاذ قراراتي المصيرية صار  أكبر، كما أن اختياراتي صارت محكومة بما أريده أو لا، مش اللي أهلي ممكن يوافقوا عليه".

>p <وعلى عكس (غادة عاطف) و (ج.أ)، كان استقلال (ن.س - 24 سنة)  بالسكن، سهلاً ولم تواجِه أي صعوبات أو مشاكل. تقول (ن.س): "وضعي مختلف، أهلي يعيشون في لندن وأمي غير مصرية. أنا اخترت العودة لمصر من حوالي 13 سنة. وحين قررت الاستقلال بسكن خاص منفرد منذ 6 سنوات، لم يكن هناك أي اعتراض أو تحفظ من أسرتي. علاقتي بإخوتي وجدتي –الموجودين بالفعل في مصر- لطيفة وقوية، وأزورهم كل فترة. مؤخراً تركت القاهرة وذهبت للسكن في مدينة سياحية، استأجرت فيها بيتاً وفتحت مطعماً وأحب الحياة هنا".

>p <يبقى استقلال الفتيات بالسكن بعيداً عن بيت الأسرة ولو من أجل الدراسة أو العمل، أمر شائك ويلاقي تحفُظ كبير ورفض، سواء من العائلة أو الجيران أو المجتمع ككل. وتظل كل فتاة عربية/شرقية محبوسة في دائرة المثل العربي المذكور أعلاه.

ما رأيك حول عيش الفتاة في سكن لوحدها؟ يمكن ترك تعليقاتك أو الانضمام إلى النقاش عبر الفيسبوك أو تويتر

>p <

>
هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً

آخر التعليقات (3)

  1. مع مرور الوقت سيصبح هذا الوضع
    مع مرور الوقت سيصبح هذا الوضع اعتياديا حتى وان كان يلقى هجوما ومقاومة اﻵن

  2. الموضوع مفروض يكون عادي ان…
    الموضوع مفروض يكون عادي ان البنت تعيش لحالها لانها لو مرتاحه ببيت اهلها الموضوع حيسبب لها مشاكل نفسبه بنضري مهم في الحياه يكون مرتاح علشان يقدر يطور من نفسه ويعيش بس مجتمعاتنا للاسف مجتماعات ذكوريه

الحب ثقافة

مشروع الحب ثقافة يهدف لنقاش مواضيع عن الصحة الجنسية والإنجابية والعلاقات