وانت هتتحب إمتى؟

في كل فيلم أو مسلسل، توجد شخصية سينجل (أعزب/عزباء) الشلة، سواء كانت العزوبية باختياره/ا أو لأسباب أخرى مختلفة. وتطورت شخصية السينجل على مر السنين بحسب نظرة المجتمع خارج الإعلام للسناجل. وتغيرت الطريقة اللي بتتعاطى بها الأفلام والمسلسلات مع شخصية السينجل.

فمثلاً في الأفلام القديمة، كانت زينات صدقي بتظهر الصديقة العزباء المقربة للبطلة. وغالباً بتتصور على إنها سيدة “هتموت وتحب” وبتساعد البطلة الجميلة في علاقتها العاطفية المعقدة، لحد اللحظة اللي بتقابل صديق البطل ويقعوا في حب بعض. 

أهو راجل والسلام

فاكرين زينات وهي بتقول

“عذراء هيفاء حسناء، ولهاء دعجاء سمراء فيحاء، فى العشرين من ربيعها الوردى الزاهر المزدهر، تملك سيارة وفيلا ودار أزياء، ملفوفة القوام كغصن اللبان، تطلب زوجاً مش ضرورى جامعياً، ثقافياً إعدادياً إلزامياً أهو راجل والسلام، الإمضاء مراهقة”. 

بالرغم من إن مازال في فجوة في الأبحاث المتعلقة بالضغط المجتمعي المُمارس على الأشخاص السناجل، إلا أن من خلال الأبحاث اللي بتحلل تأثير المجموعات على شكل العلاقات، نقدر نستخلص تأثير الضغط ده على شعور الشخص السينجل تجاه نفسه وتجاه اختياراته/ا. 

من ضمن التأثيرات دي هو ظهور مصطلح جديد اسمه الخوف من العزوبية بيشير لحالة القلق والحزن بسبب الخوف من عدم الوجود في علاقة عاطفية Fear of Being Single (FOBS). الشيء اللي ممكن يدفع الأشخاص للدخول في علاقات عاطفية أو الحفاظ على علاقات قد تكون غير مناسبة أو حتى مسيئة فقط للتخلص من ضغط المجتمع أو الشعور بالاطمئنان تجاه مستقبلهم العاطفي أو حتى الخروج من شخصية سينجل الشلة/العيلة. الشيء اللي ممكن ملاحظته في مجتمعاتنا على اختلافاتها.

الخوف بيزيد مع تقدم العمر، بالذات في مجتمعات بتعتبر التقدم في السن هو عامل بيقلل من جاذبية الأشخاص ومن فرصهم/ن في الوجود في علاقات رومانسية. وبالتالي، من الممكن إن البعض يوافق على علاقات فقط بسبب عامل السن، والخوف من عدم وجود فرص أخرى، وبالذات في حالة النساء. وده لشيوع نظرة إن مع  اقتراب النساء من سن انقطاع الطمث (الحيض) وبالتالي عدم قدرتهن على الإنجاب هو موعد إعلان انتهاء أي فرصة للدخول في علاقة ولحظة إعلان فقدهن لقيمتهن كإناث. 

الجواز بالنسبالي فرصة.. فرصة للخروج من العالم اللي احنا فيه!

جملة في أحد مشاهد المسلسل الشهير “لن أعيش في جلباب أبي”، واللي كان بيصوّر رغبة بنات الحاج عبدالغفور البرعي في الزواج فقط للخروج من تحكمات الأب والاستمتاع بالعالم. وبالتالي، الزواج كان هو المخرج والمهرب من أسرة مسيئة أو منغلقة أو متحكمة، تحديداً في مجتمعات بتقلص مساحات الحرية والاختيار الشخصي للنساء. 

الخوف من العزوبية بيزيد مع اختلاف السياقات الاجتماعية والاقتصادية، لأن تبعات العزوبية بتختلف بدورها، وتحديداً على السيدات. وممكن تفسير ده لو ركزنا في تكوين أغلب مجتمعاتنا اللي بتعطي قيمة اجتماعية للسيدات فقط لكونهن في “معية” راجل أو زي ما بيقولوا “ليها راجل يترد عليه”. ومش بس قيمة اجتماعية، لكن القدرة على الخروج والانبساط. بيقولوا عندنا في مصر “لما تبقي تتجوزي اعملي اللي انتي عايزاه”. وبتربط العائلات أنشطة ترفيهيه أو غير ترفيهيه بالزواج ووجود راجل مسؤول عن المرأة. بالإضافة للتنمر أو الوصم اللي بيتعرضله أي شخص عازب/عزباء. ومش بس كده، كمان أغلبنا بيعيش في بيئة محيطة بتشجع الدخول في علاقات من خلال عروض توفير أو حفلات مش بتسمح بدخول أي شخص عازب/عزباء -couple only- أو بتصور العازب/العزباء باعتبارهم/ن أشخاص بائسة أو وحيدة. 

ده بخلاف الجانب الاقتصادي اللي بيضطر البعض للزواج عشان الاستقرار المادي مع وجود شريك/ة بيرعى البيت، أو حتى عدم الدخول في علاقات رومانسية بسبب الوضع الاقتصادي واللي بدروه ممكن يمنع وجود علاقة أو يفسدها. خاصة بالنظر لشكل وقوام العلاقات اللي بيعتمد في بعض الأحيان على قدرة طرف على الإعالة المادية أو الوفاء باتفاقات مادية. وعلى الناحية الأخرى، الوضع الاقتصادي اللي بيدفع الكتير للعمل ساعات إضافية وأيام طويلة، بحيث ينتهي الحال بهم/ن منهكين/ات وغير قادرين/ات على التواجد أو الاستمتاع بعلاقة عاطفية أو غيرها. 

وزيادة على كل ده، الوجود في مجتمعات لا تعترف بالعلاقات الرومانسية إلا لو كانت في إطار الزواج، هنلاقي سيدات كتيرة بتعاني من الوصول لخدمات الصحة الجنسية والإنجابية بدون وجود شهادة زواج أو دبلة في اليد اليسرى. إضافة إلى رفض بعض العائلات السماح للفتيات بالتوجه لطبيب/ة النسا إلا بعد الزواج.

وانت هتتحب إمتى يا منيل؟ 

سؤال طرحة أشرف عبدالباقي في فيلم “حب البنات”، وهو سؤال له كناية تم طرحها في أفلام ومسلسلات مختلفة. وهي كناية لها علاقة بالمعادلة “لو أنت في علاقة، لو حد اختارك عشان يحبك، إذاً أنت شخص له قيمة”. بتمثل العلاقات في مجتمعاتنا مصدر من مصادر الـ validation أو الشرعية/الصلاحية. وبالرغم من إن العلاقات الرومانسية هي أحد مصادر تعزيز الثقة بالنفس، لكن ربط احترامنا لذاتنا وتقديرنا لنفسنا بوجودنا في علاقة أم لا هو المشكلة. 

“هو أنا وحشة”.. “هو أنا ماتحبش”.. “كل اللي حواليا مرتبط إلا أنا”. جمل بقرأها كتير في مجموعات على السوشيال ميديا من أشخاص بيعبروا عن مشاعرهم تجاه كونهم/ن سينجل. بالرغم من إن المنشور/البوست بيبتدي باعتراف الأشخاص بوجود أصدقاء أو عيلة أو غيره من العلاقات اللي نظرياً وعملياً مصادر للحب والدعم والثقة، إلا أن في شعور دايماً بشيء مفقود وبشك في قيمة الذات من غير العلاقة الرومانسية. 

على مدار السنين، العلاقات الرومانسية وتحديداً الزوجية احتلت المركز الأول والوحيد في تقييم العلاقات، واعتبرت العلاقة هي أصل النظام المجتمعي. والسؤال هنا، ليه العلاقات الرومانسية/الزوجية وبالذات اللي فيها أطفال هي فقط العلاقات اللي المجتمع بيثني عليها، بل بالعكس، بيشككنا في قيمتنا وقدرتنا على التفكير لو رفضنا النموذج ده؟ وهنلاقي في كل عيلة أو مجموعة أصحاب شخص متطوع يوفق راسين في الحلال، كأنه بيعمل فيك معروف. ومهما حاولت تشرح إن العزوبية هي شكل الحياة العاطفية اللي مريح بالنسبة لك دلوقتي، هيتم النظر ليك/ي باعتبارك فقدتي عقلك.. أو مش طبيعية. ومهما كنت محاط/ة بأصدقاء ورفقة وعيلة محبة وداعمة، هيفضل المجتمع عنده نظرة “يلا عقبالك!”

اللي قادرة على التحدي!

ومع مرور السنين، بدأت الدراما تغير الطريقة اللي بتقدم بيها الشخصية السينجل، وتحديداً السيدات. وتحول السينجل لصورة سيدة معقدة قررت تنهي علاقتها الرومانسية لاستكشاف العالم. أو لصورة سيدة خارقة، مش محتاجة لأي شخص في حياتها. وبين الشخصية المعقدة أو السوبر وومن، صدرت الدراما صورة متطرفة عن العزوبية، وفشلت في فهم أبعاد اختيارات الأفراد لحياتهم/ن العاطفية. 

ومن ناحية تانية، صورت الدراما الراجل السينجل في صورة متطرفة. بين الشخصية قليلة الحظ أو الجمال أو الذكاء أو شخصية “اللي مقطع السمكة وديلها” -كناية عن قدرته على الإيقاع بالكثيرات في حبه ولكن بدون الدخول في علاقة- أو حتى الشخصية اللي اختارت العزوبية من أجل تفادي الدراما اللي عايش فيها أصدقاؤه المتزوجين. 

يعني اعمل إيه دلوقتي؟ 

خلال تفكيرنا كفريق في محتوى المقال، فكرنا.. عايزين نقول إيه عن العزوبية؟ هل نقترح حلول؟ بس نقترح حلول ليه؟ هو إيه المشكلة؟ بعد تفكير وقراءة وكتابة.. لقيت إن المشكلة مش في اختيار العزوبية أو العلاقات العاطفية. المشكلة في ربط قيمتنا وقيمة الآخرين بالعلاقات الرومانسية، والنظر لأي علاقة تانية زي الصداقة أو الأخوة أو غيرهم هي علاقات مؤقتة أو غير مهمة أو إننا مش هنلاقي فيها أشكال من الحب والدعم اللي بندور عليهم. 

يمكن تختار/ي تكون سينجل الشلة أو لا.. المهم نقف ونفكر، تصوراتي عن نفسي وعن علاقاتي جاية منين؟ هل مصدرها الوحيد هو الضغط والتأثير المجتمعي؟ وإلى أي مدى أنا مرتاح مع التصورات دي؟  طب أنا كشخص محتاج/ة إيه؟ وإيه شكل الحياة اللي هتريحني؟ 

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً

آخر التعليقات (2)

  1. كل المسألة متلخصة في الصعوبات المتعلقة بالوضع المالي والإجتماعي للشخص والحظ المتعلق بمدى جاذبيته على المستوى الجسدي والثقافي
    لأنو في النهاية أغلب البشر عندهم رغبة جنسية و عاوزين يجربو الحب و كل البشر لما يكبرو ويبداؤو يضعفو يتمنوا لو في حبيب ورفيق وسند بجنهم ، وما فيش حد يمكن يختار الوحدة والعزوبية سوى لظروف وأوضاع قاهرة
    وعلى الجانب الأخر أنا متفق إنو الإزعاج والإلحاح الغير المبرر للشخص العازب شي لا أخلاقي

الحب ثقافة

مشروع الحب ثقافة يهدف لنقاش مواضيع عن الصحة الجنسية والإنجابية والعلاقات