كيف أعرف أن شريكي يحبني؟
كثيراً ما نستقبل أسئلة من المتابعات يكون مضمونها: “هل يحبني شريكي؟” علينا أن نعرف أن دليل الحب ليس الكلمات الطيبة الحلوة، وإنما تصرفات الشريك. وعلينا أيضاً أن نعرف أنك أنت من يستطيع الإجابة على هذا السؤال.
ما زالت الأسئلة التى تتناول العلاقات هي الأسئلة الأكثر شيوعاً على منصات التواصل الاجتماعي وداخل غرف العيادات النفسية.
“هل ما زال يحبني؟”
“هل ما أختبره معه هو الحب؟”
“كيف أعرف أنه يحبني؟”
في الحقيقة توجد تعريفات متعددة، دعيني أبسطها لك وأعرض أبرز النقاط المتفق عليها، وهي:
– أهمية وجود مشاعر إيجابية تجاه الشخص
– الاختيار
– الالتزام بالعلاقة
المشاعر الإيجابية وحدها لا تعني الحب.
وهذا قد يجيبنا على تساؤل الكثيرات من البنات: “أعرف أنه يحبنى لكن له علاقات كثيرة ودائماً ما يخونني، لكنه يقول إنني الحب الوحيد الصادق في حياته، فهل هذا يسمى حباً؟”
عزيزتي لا يمكن أن نعتبر ذلك حباً وفقاً لما هو متعارف عليه، لأنه لا يتضمن الالتزام بالعلاقة.
اقرأي المزيد: ماذا أفعل عندما أكتشف خيانة شريكي؟
أيضاً هناك سيدات يأتين إلى العيادة بأسئلة مشابهة، وأغلبهن مطلقات، ويسألن عن تلك الظروف التي تعوق استكمال العلاقة، ويشعرن بالحيرة من مشاعر الطرف الآخر وهل هي فعلاً حب كما يزعمون؟
وفقاً لمبدأ “الاختيار”، الأساسي في تعريف الحب، فإذا لم يقرر الطرف الآخر اختيارك رغم كل الصعاب التي قد تبدو في العلاقة، فما تختبرينه ليس حباً بالمعنى الحقيقي.
الحب كما قلنا هو المشاعر الإيجابية والانجذاب تجاه الطرف الآخر واختياره والالتزام به شريكاً.
المشاركة والتواصل والدعم
توجد أيضاً دراسات عديدة تحدثت عن مبادىء وجوانب متعددة للحب، ويمكن تلخيصها في المشاركة والتواصل والدعم.
وأريد الوقوف قليلاً عند المشاركة، ولديَّ مثالان من واقع خبرة الجلوس مع عملاء في جلسات مشورة تخص العلاقات، وتخص تحديداً مشاركة الأنشطة والشغف.
أحد هذين المثالين حالة سيدة متزوجة تحب الموسيقى وحفلات الأوبرا ولديها علاقة سيئة بزوجها وصلت لطلب الطلاق، ومن ضمن المشاعر السلبية التي تحدثت عنها تجاه علاقتها بزوجها أنه لم يحترم يوماً شغفها بالموسيقى، وكان الأمر دوماً مثار سخريته، ولم يوافق يوماً على الذهاب معها إلى أي حفلة موسيقية، وكلما فعلت وذهبت سخر منها.
وفي المقابل هناك مثال آخر عن المشاركة في الشغف من واقع سيدة تعيش علاقة عاطفية مستقرة، وتتحدث هنا عن شغف زوجها بالآلات الزراعية وعدم اهتمامها بذلك أبداً، لكنها تحدثت عن تلك اللمعة في عينيه عندما أخبرته بموعد معرض سيقام لعرض الآلات الزراعية، ونيتها الذهاب معه رغم أن كلاهما يعرف أنها لا تهتم بمثل هذه الأشياء، هي فقط ذهبت معه لتدعم شغفه وتكون بصحبته.
لا أحثكم على فعل ما لا يثير شغفكم، لكن على الأقل عليكم احترام شغف الآخر وعدم السخرية منه لمجرد أنه مختلف عنكم، لأن ذلك يزرع إحباطاً في العلاقة ومرارة تدوم طويلاً.
المشاركة لا تعني فقط مشاركة الآخر شغفه، بل مشاركة تفاصيل الحياة اليومية؛ أن أشعر بأن الآخر يتقاسم معي الأعباء على قدر وقته وطاقته.
لذلك أقدر شكوى زوجات كثيرات من المرارة التي يشعرن بها من جراء التزامها بكل تفاصيل البيت والأطفال دون مشاركة الزوج في أي شيء. لأن ذلك الغياب يخلق غضباً رهيباً يسحب مشاعر الحب التي كانت متوهجة قبل الزواج.
ثانى العوامل التي تحدثت عنها الدراسات هي الدعم.
لا يمكن تخيل أي علاقة حب بدون الشعور بالدعم والاهتمام، أحد العناصر البسيطة التي تستشعر بها المرأة وجود شيء خاص بينها وبين هذا الرجل تحديداً هو اهتمامه بها المختلف عن اهتمام الآخرين.
أحب أن أؤكد أن ذلك الاهتمام والدعم لا يكون لدى الغالبية طوال الوقت في العلاقة، لكن المهم أن يكون متحققاً في معظم الأوقات أو على أقل تقدير في الأوقات الصعبة التي يعلن الفرد فيها عن احتياجه.
ما زلت أذكر حديث سيدة عن علاقتها بزوجها الذي لم يدعمها في قرار استكمال دراستها والحصول على درجة الدكتوراه، فكثيراً ما كان يحاول أن يزيد من أعبائها في تلك الأوقات المخصصة لتسليم الأبحاث، أو يعتذر عن الاعتناء بالأطفال، وفي إحدى المرات حذف من على جهاز الكمبيوتر بحث انتهت منه، وذلك في ليلة التسليم.
في حالات كتلك الحالة لا يمكن أن نصدق أن هناك حباً ما زال موجوداً بينه وبين هذه السيدة.
دعم الشريك لك في الأوقات الصعبة دليل على الحب، وعندما أقول الأوقات الصعبة أقصد بها تقديرك أنت بأنها أوقات صعبة، لأن مثال الرجل الذي لم يساند زوجته وقت إعداد الدكتوراه نابع من أنه لا يرى استكمال زوجته لدراستها شيئاً أساسياً، وأنها هي من خلقت الصعاب لنفسها.
عليك أن تعلمي أن أحد أهم جوانب الحب أن يؤمن شريكك باختياراتك التي قد لا يوافقك عليها، ويساندك فيها.
وثالث هذه العوامل هو التواصل، وفي الحقيقة لا يمكن تخيل أي علاقة بين اثنين بدون تواصل فعال، وعندما أتحدث عن التواصل الفعال أقصد به التواصل على مستوى المشاعر والأفكار وليس التواصل على مستوى الأحداث والمواقف فقط.
التواصل على مستوى الأحداث، أي التواصل من خلال حكي مواقف مرت عليكما في اليوم يعتبر مستوى نمارسه جميعاً، وهو المستوى الأضعف، لذلك لا نكتفي به، بمعنى أنه عندما يتحدث شريكي معي عن أحلامه المستقبلية فهذا مستوى قوي من التواصل، وعندما يشاركني مشاعره تجاه موقف ما فهذا مستوى أقوى، وعندما يشاركني أفكاره التي تدور في ذهنه فنحن أمام مستويات أعمق في العلاقة.
عندما تختبرين مشاعر مع شخص، ولكن يغيب التواصل، فاعلمي أنك أمام مشاعر إيجابية لا ترتقي للحب.
بالورقة والقلم
كل هذه العوامل والمبادىء تعد شرطاً أساسياً للحب.
نصيحتي لك أن تجلسي وتمسكي بورقة وقلم وتكتبي هذه العوامل أمامك، ثم دوِّني تحتها المواقف التي تدل عليها من واقع علاقتك بالشريك.
إذا وجدت معظمها متحققاً فأنت في علاقة حب بالفعل، قد تحتاج من آن لآخر إلى الرعاية، بمعنى العمل على إصلاح العيوب والمشكلات الطبيعية التي تظهر فيها.
لكن إذا لم تجدي أياً من هذه العوامل متحققاً أو القليل فقط منها هو المتحقق فأنت في العلاقة الخطأ أو على الأقل في المسار الخطأ، وقد تحتاجين مع شريكك إلى مشورة تساعدكما على حل هذه الأزمة.
نصيحة أخيرة: إذا كنت ما زلت في مرحلة الارتباط، لا تقتنعي بخدعة أنكما في هذه الفترة لن تصادفا مواقف واضحة تُمَكِّنه من التعبير عن الحب، وأن العِبرة بما سيحدث بعد الزواج، وذلك لأن ما يحدث الآن هو نفسه ما سيحدث بعد الزواج.
حين تطرحين سؤال: “هل يحبني أم لا؟”، لا تتوقعي أن يجيبك أحد، أنت الوحيدة القادرة على الإجابة بنفسك.
فقط تأملي العوامل التي تحدثنا عنها، وكوني صادقة مع نفسك، واعرفي إن كان يحبك أم لا بالمواقف والتصرفات التي تثبت ذلك.
مصادر
Liking and Loving: An Invitation to Social Psychology Paperback – June 1, 1973
.
.